منتدى فاطمه سعد الدين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى فاطمه سعد الدين


 
التسجيلدخولالرئيسيةأحدث الصور

 

 لغة الكون.. ووعي الوجود

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
فاطمه سعد الدين
الادارة
الادارة
avatar


المساهمات : 223
تاريخ التسجيل : 30/12/2007

لغة الكون.. ووعي الوجود Empty
مُساهمةموضوع: لغة الكون.. ووعي الوجود   لغة الكون.. ووعي الوجود I_icon_minitimeالسبت أبريل 12, 2008 2:39 am

لغة الكون.. ووعي الوجود

د.هبة رؤوف عزت





أنصت لصوت النفس، لنبض القلب، لسكون الروح. أنصت.. وأصغ السمع، فنحن نعيش في عالم أفقدنا القدرة على سماع لغة الكون.. والذات، وما حولنا من عوالم مختلفة.

أفقدنا العصرالحديث مهارات ولغات كان الإنسان يجيدها، وأورثنا الافتتان بالعقل، والتبعية للآلة، والخضوع لثقافة الشاشات والانبهار والولع.. بالصور.

تجول في غابة تتساقط أوراقها أو حديقة تنبت أزهارها وأنصت، ستسمع الكون يتحدث لغة الفصول، وانظر لمن يتكلم بلسان لا تفهمه لبضع دقائق؛ لتكتشفأن المعنى الأعمق يتجلى لك.. جهلك والاختلاف، لكنك لا شك ستفك شفرة النظرات والإيماءات، والعاطفة، والمشاعر، وسيصلك شيء ما.. عبر المسافة.. يستشعره القلب.

مشتركات

أتجول بين القارات.. وأقابل بشرًا من ألوان وثقافات شتى، لكني أرى وراء أستار الثقافة وجدران التمايز الإنسانية المشتركة، وأستشعرها.. وأحسها.

في تركيا قابلت ناشطًا يساريًّا في مؤتمر الشرق الذي انعقد منذ عامين لمناهضة الهجمة الأمريكية على المنطقة، واجتمع فيه إسلاميون وقوميون ويساريون، جلس بيننا أخ تركي يتحدث العربية بلكنة سورية، وأخذ يترجم، فهمت الكلام لكن ما لفتني هي العاطفة.. كانت تتدفق لتعبر حاجزاللغة بسلاسة حتى شعرت أنني فهمت بدون أحرف أو كلمات صدقه ومناصرته لأهل العراق.. وفلسطين.

وفي لقاء آخر جمع أصحاب الأديان من ثقافات شتى ألقى فيه كل واحد كلمة أو ردد أمام الجمع صلاة ودعاء كان أكثر ما هزني صلاة زعيم من الهنود الحمر، كان ضخم الحجم لافت الملامح، كأنما الوجه منحوت، وقف وبدأ في الصلاة، بدأ يناجي، ثم أخذ يسبح الله بصوت جهوري كأنما يقف فوق جبل يريد أن يصل صوته للأرجاء ويهز الحجر. هذا نداء الإنسان لربه.. وتلك حكمة الله في التنوع.

مشهد التنوع

في السفر -كما في الوطن- يستوقفني مشهد التنوع. في الوطن -مصر المحروسة- هناك تنوع بين الريف والحضر، الدلتا والصعيد وسيناء والنوبة، والغنى والفقر، واختلاف في الدين والسياسة..

وفي دوائر البشرية أناس يوحدهم الهم والمصير، وإنها لمأساة أن يرى البعض أنهم لا يجمعهم سوى اللحظة الراهنة أو يزعم فريق أن ما يجمعهم ليسعهد الفطرة، بل الصدفة البحتة.. أو يذكي فريق ثالث صراع حضارات نحن فيه إما الضحية أوالجلاد.. لا أفق سوى الصراع.. وليس التراوح بين التعارف أصلاً والتدافع.. عدلاًوصلاحًا.

الكل بشر، والعالمية في الإسلام التي تتأسس على الإنسانية الجامعة تمتزج بملامح الخصوصية لكل حضارة، بل كل شعب، ويظل للأمة روح وللثقافة نكهة، تطبع الناس بسمت يصعب أن تخطئه، وتفلح بروح العيش المشترك وعبق تفاصيل الحياة اليومية في أن تعبر الخلافات الدينية والعرقية داخل الوطن مثلما تفلح العقيدة في العبور بالرابطة الإيمانية فوق حواجز وحدود المكان والزمن.. بل وتنتج فقه المكان، ومذاهب الوجدان.

التجوال في أرض الله الواسعة يعلمنا أن العالم واسع وآفاقه رحبة.. وأمانته ثقيلة.

فهل نفلح في سماع تسبيح الطبيعة، ونستمتع رغم -الكدح والنَصَب- بزقزقة العصافير، وندى الفجر، وضحك الأطفال، ومنظر الأشجار، وسلام الصحراء، وزرقة البحر؟.

هل نحتفي بالتنوع، وندرك أن الإكراه على الرأي أو العقيدة أو الضيق بالخلاف والاختلاف مخالف لمقصود الخالق من الخلق؟ هل نستشعر إنسانيتنا ونطلق طاقة الرحمة من الأسر بدلاً من هذا الغلّ الذي في صدور... بعض المؤمنين؟

الانخراط في نضالات مشروعة من أجل الحق والعدل لا يجب أن ينسينا قيم العفو والفضل، والحروب التي نخوضها بشجاعة لا يجب أن تنسينا أن غايتنا هي السلام، والرباط على الثغور لا يجب أن ينسينا البناء والنماء والعطاء.. واختلاف الرأي والمذهب بل والدين لا يجب أن ينسينا مكارم الأخلاق وأدب الكلمة الطيبة.. وفن القول اللين، ومهارات "التي هي أحسن".

"إن لنفسك عليك حقًّا".. فما هو حق النفس؟.. حقها أن تعي ذاتها، ومكانها، وزمانها، وتؤمن.. وتستقيم، تعرف.. وتلزم.

وما حق الناس؟ الكرامة.. العدل.. والإحسان.

وما حق الكون؟ أن ندور في مدارات السنن ونحقق عمارة الأرض ونأمر بالمعروف وننهى عن المنكر والبغي.. ونعطي ما حولنا ومن حولنا احترامًا أكبر ورعاية أكثر، بل ونحب الكون والجماد، كما كان الرسول صلى الله عليه وسلميحب مكة.. وأُحُد.

وحين نتحدث لغة الكون.. ونفهم منطق السنن في الأنفس والآفاق.. سيسكن القلب، ويتفكر العقل، ويتناغم الجسد، ويتحقق معنى الوجود.

نعم..مآسينا كثيرة ومشكلات أمتنا مزمنة، والأمر ليس قضية تفاؤل أو روح أمل، بل ببساطة التحدي الذي نواجهه كبشر دومًا هو كيف نحتفظ بإنسانيتنا.. رغم كل شيء، ونعيش الحياة بإيمان، وعنفوان، وعرفان.




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
لغة الكون.. ووعي الوجود
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى فاطمه سعد الدين :: نــبض المشاعر.. :: النقد الأدبي والمقالات-
انتقل الى: